مقالات وآراء

غزة.. حرب على الوعي والذاكرة

بقلم / أحمد ياسر

غزة اليوم .. محاكمة ضمير لكل فرد، تاريخ يكتبه كل من اختار أن يكون جزءاً من النضال من أجل العدالة ضد الظلم والإبادة، مع كل منزل يُهدم، تُكتب أسطر مأساوية، ومع كل طفل يُستشهد، تُحفر أعمال بطولية في ذاكرتنا…

 

هل سيظل العالم مجرد متفرجين على المجازر؟ هل سنسمح لأنفسنا بالحزن قليلاً، ثم ننسى لاحقاً، كما يفعل الكثيرون؟ أم سنكون من بين أولئك الذين لا يكتفون بالكلمات، بل يصمدون من أجل الحق بكل ما أوتوا من قوة، ويكتبون أسماءهم بحروف كبيرة في صفحات كتب التاريخ كمن اختار أن يكون جزءاً من التغيير نحو الأفضل؟

قد يظن البعض أن دورهم تافه، وأنهم لا يملكون القدرة على التأثير، لكن ليس من المبتذل القول إن الظلم لا يستمر إلا بصمت الصالحين.

 

فالحقيقة أقوى من أي سلاح، بل إن الصمت لا يعني الحياد، وكما قال المناضل الراحل المناهض للفصل العنصري ديزموند توتو: “إذا كنت محايدًا في حالات الظلم، فقد اخترت صف الظالم”… أنت متواطئ في الظلم.

 

فكيف نكتب تاريخنا دعماً لغزة؟

إذا لم يستطيع العالم أن يكون جزءًا من الحل، فليمتنع على الأقل عن نشر الأكاذيب أو تبرير الظلم، إذا لم نستطع دعم المظلومين جسديًا، فعلينا على الأقل أن نكون وسيلة لإنهاء الظلم من خلال كلماتنا.

علي العالم وشعوبه ألا يكون ممن ينشرون روايات مضللة تصور المعتدي على أنه الضحية والضحية على أنه المعتدي… علي الأجيال الحاضرة ألا تكون ممن ينشرون الأكاذيب التي تشوه الحقيقة… فلنقف مع المظلومين، حتى لو لم يكن أمامنا إلا الحقيقة.

إن الحرب على الفلسطينيين في غزة ليست مجرد صراع عسكري، بل هي حرب على الوعي والذاكرة والحقيقة نفسها.. الهدف النهائي للمعتدي هو محو هذه العناصر الثلاثة.

ما يُستهدف اليوم ليس الأرض فحسب، بل الحق في الحياة والكرامة أيضًا، المعركة لا تقتصر على ساحة المعركة، بل تمتد إلى عالم الأفكار والضمير والمواقف.

إن دعم غزة يعني قول الحقيقة، حتى لو كلّفنا ذلك غاليًا، فالحقيقة لا تحتاج إلى إذن لقولها.

دعم غزة يعني محاربة الباطل والأكاذيب، ورفض تصوير القتلة كضحايا أو تبرير تدمير الأبرياء ومنازلهم.

دعم غزة يعني ضبط ألسنتنا؛ قل خيرًا أو اصمت.

دعم غزة يعني إبقاء قضيتنا حية في قلوبنا وعقولنا، وعدم السماح لها بأن تُنسى كما يريد الصهاينة وأباطرة كيان الاحتلال، فقد راهنوا على مقولة “الكبار يموتون والصغار ينسون”.

في كل لحظة، يُسألنا عن موقفنا من هذا الصراع، هل سنكون من بين من يشاهدون المجزرة تتكشف ثم يعودون إلى حياتهم اليومية وكأن شيئًا لم يحدث؟ أم سنكون من بين من يُصرّون على أن غزة ليست وحدها في كفاحها، وأننا جزء من أهلها وقضيتهم؟

لا يمكننا جميعًا أن نكون أبطالًا على أرض الواقع، ولكن يمكننا التأكد من أن أقوالنا وأفعالنا على قدر التحدي المتمثل في أن الحق ينتصر على الباطل، علي العالم الحاضر أن يكتب تاريخه بأقواله القوية وأفعاله الصالحة، لا بالصمت ولا بتبرير الظلم.

يراهن الطغاة على نسيان الجميع، أما نحن فنثق بأن الحق لا يموت إلا بتخلينا عنه.

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قد يعجبك أيضاً

غير مصنف مقالات وآراء

الرئيس يشهد قدرات الشرطه المصريه في احتفالاتها بالخامس والعشرون من يناير

كتب / أحمد الشرقاوي  شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي فيلما تسجيليًا، 22-1-2025 أنتجه قطاع العلاقات والإعلام بوزارة الداخلية، خلال حفل
مقالات وآراء

الواقع تحت الميكرسكوب ينذر بالخطر

الواقع تحت الميكرسكوب ينذر بالخطر   بقلم – عبير عدلى   فى تحليل ثاقب قام به سيادة اللواء / تامر
RocketplayRocketplay casinoCasibom GirişJojobet GirişCasibom Giriş GüncelCasibom Giriş AdresiCandySpinzDafabet AppJeetwinRedbet SverigeViggoslotsCrazyBuzzer casinoCasibomJettbetKmsauto DownloadKmspico ActivatorSweet BonanzaCrazy TimeCrazy Time AppPlinko AppSugar rush