إيران وإسرائيل.. صراع فوق صفيح ساخن

بقلم: أحمد الشرقاوي
أمين إعلام حزب مستقبل وطن – أمانة المطرية
في مشهد بات مألوفًا لكنه لا يخلو من الخطورة، تعود نيران المواجهة بين إيران وإسرائيل لتشتعل فوق صفيح الشرق الأوسط الساخن، في واحدة من أكثر جولات التصعيد المباشر ندرة وخطورة في تاريخ الخصومة بين الطرفين.
أول أمس، شنت إسرائيل غارة جوية استهدفت مواقع عسكرية إيرانية قرب مدينة أصفهان، قيل إنها تضم منشآت لتطوير الطائرات المسيّرة وصواريخ بعيدة المدى، وهو ما اعتبرته طهران تجاوزًا جديدًا للخطوط الحمراء.
لم تتأخر طهران كثيرًا في الرد، ففي أمس واليوم، أطلقت إيران رشقات من الصواريخ الباليستية والمجنحة نحو مواقع عسكرية إسرائيلية، بعضها في شمال فلسطين المحتلة، وأخرى في مناطق قريبة من تل أبيب، في رسالة واضحة بأن قواعد الاشتباك قد تغيرت.
ورغم نجاح نظام الدفاع الإسرائيلي “القبة الحديدية” ومنظومات الدعم الأمريكية في اعتراض غالبية الصواريخ، فإن الرسالة الإيرانية كانت أكثر وضوحًا من أي وقت مضى: الرد لن يكون بالنيابة، بل بالأصالة.
خلاف يتجاوز الجغرافيا
الصراع بين إيران وإسرائيل ليس وليد اللحظة، بل هو خلاف استراتيجي يتجاوز الجغرافيا ويضرب بجذوره في العقيدة والسياسة:
إسرائيل ترى في البرنامج النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا وتعمل بكل قوتها على تعطيله، سواء عبر ضربات دقيقة أو عبر عقوبات وضغوط دولية.
إيران، من جهتها، تواصل دعم فصائل المقاومة مثل حزب الله، حماس، والجهاد الإسلامي، وتعتبر مواجهة إسرائيل جزءًا من “محور المقاومة”.
من الحرب بالوكالة إلى المواجهة المباشرة
لأكثر من عقدين، خاض الطرفان صراعًا عبر حروب ظل، وعمليات استخباراتية، واغتيالات متبادلة، ولكن التطور النوعي الأخير ينبئ بتحول محتمل في قواعد الاشتباك. فإيران، التي كانت تفضّل الرد عبر حلفائها، باتت اليوم تتجرأ على الرد المباشر من داخل أراضيها، ما يُقلق الولايات المتحدة وحلفاءها في الخليج والمنطقة.
ورغم أن كل المؤشرات توحي بأن لا طهران ولا تل أبيب راغبتان في حرب شاملة، إلا أن احتمالات الانفجار تظل قائمة في ظل التوترات الإقليمية والتداخل مع ملفات كبرى مثل حرب غزة، والوجود الإيراني في سوريا، والتوازنات داخل لبنان.
المشهد إلى أين؟
الصراع بين إيران وإسرائيل هو برميل بارود مفتوح على كل الاحتمالات. فبينما تتحدث إيران عن “توازن الردع” وتلوّح بـ”المفاجآت القادمة”، تواصل إسرائيل شن ضرباتها الاستباقية لمنع التموضع الإيراني في سوريا ولبنان، وتأكيد تفوقها العسكري.
أما المجتمع الدولي، فيقف عاجزًا، أو بالأحرى مترددًا، بين دعم حليفه الإسرائيلي ومحاولة احتواء تصعيد إقليمي قد يهدد استقرار الشرق الأوسط برمته.
ختامًا، تبقى الحقيقة الأهم أن شعوب المنطقة – من غزة إلى بيروت، ومن دمشق إلى طهران – هي الخاسر الأكبر في هذا الصراع المفتوح، الذي تغذيه الحسابات الجيوسياسية وتطفو فوق نهر من الدماء